چاپ
دسته: العربية
بازدید: 1766

 آية الله الدكتور بهشتي في الندوة العلمية «موقع السياسة و الشريعة في الحكمة المتعالية»:

السياسة التي تتبع الشريعة لا تضرّ بآخرة الإنسان

بحسب تقرير لمراسل الموقع المعلوماتي لأكاديمية العلوم و الثقافة الإسلامية عقدت صباح يوم الأحد الماضي على قاعات الندوات في معهد العلوم السياسية التابع للأكاديمية الندوة العلمية «موقع السياسة و الشريعة في الحكمة المتعالية» بحضور جمع غفير من الأساتذة و الباحثين في حقل الفكر و العلوم السياسية.

في هذه الندوة، ألقى آية الله الدكتور أحمد بهشتي، أستاذ جامعة طهران، كلمة تناول فيها موقع السياسة و الشريعة معتبراً إ يّاها من الموضوعات المهمة، و أضاف: يعتقد البعض بأنّ مسألة السياسة تنتهي بالفارابي، حيث لم يتناول أحد من الفقهاء و لا الفلاسفة هذا الموضوع من بعده.

وتابع الدكتور بهشتي كلمته بالقول: لم يكن هذا الموضوع من الموضوعات العملية، فكان الفلاسفة يركّزون على بحوث الفلسفة النظرية، و لمّا كان هؤلاء لا يهتمّون حتى بموضوع الأخلاق، و التي هي جزء من الحكمة العملية، فمن باب أولى أنّهم لم يولوا السياسة الاهتمام الذي تستحقّ، لذلك، فإنّ جهود الشيخ صدر الدين الشيرازي في مجال السياسة تستحقّ الثناء و التقدير.


وواصل الدكتور بهشتي أستاذ جامعة طهران كلمته فقال: و في العصر الحالي أيضاً تمّ التطرّق إلى هذا الموضوع، و إذا كان الشيرازي قد تطرّق إلى السياسة و الشريعة، فإنّ الشهيد المدرّس قد تناولها تحت عنوان السياسة و الديانة، ثمّ أكّد بالقول: هذه الموضوعات ليست و احدة، لكن يمكن البحث في العلاقة التي تربط فيما بينها، لكن السؤال المطروح هو: هل أنّ الحكمة المتعالية قامت بالفصل و التفكيك بينها، أم ربطت إحداها بالأخرى؟


بعد ذلك و جّه الدكتور بهشتي نقداً إلى ملاحظات المهندس بازركان و قال: كان المرحوم المهندس بازركان قد طرح الثورة موضوع عدم الفصل بين هذين الموضوعين، و كان يعتقد بأنّ الفكاك بينها ممتنع، و على هذا، ينبغي للسياسة أن تكون في قبضة الدين، لأنّه في غير هذه الحالة، ستسيطر السياسة على الدين، من هنا، إذا سيطر الدين على السياسة فسيقوم بتصحيح السياسة، أمّا إذا حدث العكس فستقوم السياسة بتشويه الدين. و قد عدل السيد بازركان بعد الثورة، عن هذه الفكرة، و كان يؤمن بأنّ على رجل الدين أن يعود إلى المسجد، و أنّ حضور الأنبياء في السياسة كان بسبب المواطنة و ليس تحت عنوان و اجب النبوة و الشريعة، و لذلك لا يحمل رجال الدين و لاية أو تفويض من جانب النبوة.


ولا يزال الكلام للدكتور بهشتي الذي قال: لقد طرح الإمام الخميني مسألة عدم الفصل بين السياسة و الشريعة، لقد كان هذا الموضوع مطروحاً أيضاً في عهد الحركة الدستورية، حيث كتب الشيخ النائيني كتابه الشهير في هذا الخصوص، كما أنّ مجلس الوصاية على الدستور المندرج في الدستور الإيراني تعود فكرته إلى مسألة الإشراف من قبل خمسة علماء التي كانت مطروحة في عهد الحركة الدستورية.


كما أكّد الدكتور بهشتي قائلاً: لقد طرح موضوع الفصل بين الدين و السياسة في عصر العلمانية، و لم تكن مطروحة يوماً في محافل العلماء، في فكر صدر الدين الشيرازي، فإنّ علاقة الشريعة و السياسة هي عينية أو تبعية، طبعاً في ضوء الطبيعة السيالة لموضوع السياسة، فإنّ العينية هنا غير مطروحة، و من منظاره فإنّ الشهيد مدرّس لم يكن يحمل هذه الرؤية، و طبعاً يقوم الشيرازي بتناول موضوع التبعية.

وواصل الدكتور بهشتي حديثه ببيان هذه النقطة و هي أنّ صدر الدين الشيرازي يرى أنّ علاقة الشريعة و السياسة هي علاقة العبد و المولى، و أضاف: كان الشيرازي يعتقد بأنّ السياسة يجب أن تنضوي تحت لواء الدين بشكل كامل، و أن لا تتمرّد على أوامر المولى، كما كان يعتقد بأنّ العلاقة بين النبوة و الشريعة و السياسة هي أنّ النبوة هي روح السياسة، و الشريعة بدون النبوة هي جسد بلا روح، و في السياسة أيضاً العلاقة شبيهة بذلك و هي: الشريعة روح السياسة، و السياسة بدون الشريعة جسد بلا روح، و على هذا الأساس، فإنّ الحكومة الصفوية جعلت السياسة في خدمة الشريعة، فأدّى ذلك إلى تطوّر الشريعة و نموّها.

بعد ذلك أشار الدكتور بهشتي إلى الفوارق بين السياسة و الشريعة في فكر صدر الدين الشيرازي، و اسعرض أربعة فوارق هي المبدأ و الغاية و الفعل و الانفعال، و بيّن كل منها بايجاز، ثم قال: إنّ مبدأ السياسة و الشريعة هو العقل، و لكن مع فارق أنّ عقل الشريعة، هو عقل قدسي و إلهي، أمّا العقل السياسي فهو عقل بشري، فعندما تريد السياسة أن تتبع الشريعة، فإنّ العقل القدسي يكون موضع اهتمام أكبر.

وتايع الدكتور بهشتي كلمته قائلاً: من منظار الغاية و المقصود فإنّ السياسة بدون الشريعة هي دنيوية، و معلوم أنّ سياسة كهذه غايته إصلاح دنيا الناس دون الالتفات إلى آخرتهم. طبعاً لا يمكن الاستغناء عن الحياة الدنيوية، و لا يمكن الفصل النهائي التام بين الدارين، و ذلك لأنّه يمكن أن تكون الدنيا مقدمة لإعمار الدار الآخرة، أو العكس أن تكون مخربة لها، إنّ غاية السياسة هي الدنيا، و غاية الشريعة هي الآخرة و دار العقبى، لذا يجب على السياسة أن تتبع الشريعة حتى لا تتضرّر آخرة الإنسان.

وأيضاً مع الدكتور بهشتي الذي قال: بالنسبة للفعل يعتقد صدر الدين الشيرازي إنّ السياسة فعل جزئي، و الشريعة فعل كلي، ذلك لأنّها لها استمرارية، و هي لا تتبع الأوضاع و الأحوال و الظروف، على عكس السياسة و هي فعل جزئي لأنّها تتبع آراء الساسة و تقديرهم للأمور، و هي تقديرات تتبع المضارّ و المنافع التي تحدث.

في الختام أشار الدكتور بهشتي أستاذ جامعة طهران إلى أنّه من منظار صدر الدين الشيرازي فإنّه بالاستناد إلى الانفعال فإنّ السياسة خاصة و جزئية، و هي تتعلّق بالشخص، أمّا الشريعة فهي ليست جزئية، و أضاف: و ذلك لأنّها تقع تحت تأثير الانفعال و ذلك بسبب الأوامر الإلهية، على خلاف السياسة التي تأخذ المسائل الشخصية بنظر الاعتبار، فالانفعال في السياسة أمر شخصي و جزئي، أما في الشريعة فلا يمكن القول بأنّه جزئي.


جدير بالذكر، إنّ الندوة تواصلت بعد ذلك عبر نقاش حرّ مع الباحثين في حقل الفكر السياسي حيث أجاب الدكتور بهشتي على أسئلة الحاضرين.